أثارت فتوى المرجع الشيعي اللبناني محمد حسين فضل الله جدلاً كبيراً بين علماء الأزهر حيث أعطى الزوجة التي يضربها زوجها ظلماً أن تضربه لرد العدوان عليها وهي في هذا لا تخالف تعاليم الإسلام الذي كرم المرأة ويرفض تحويلها الى "عبدة " يجلدها "سيدها " ظلماً. وانقسم الأزهريون إلى فريقين بين مؤيد ومعارض خصوصاً أن صاحب الفتوى أكد أنها عامة لكل المسلمين وليست خاصة بالشيعة فقط. فما الأدلة الشرعية لفتوى فضل الله؟ وماذا قال المؤيدون والمعارضون؟ هذا ما نتابعه من تقرير "لها"..
المرجع الشيعي محمد حسين فضل الله: من حق الانسان المعتدى عليه أن يدافع عن نفسه
عرض المرجع الشيعي محمد حسين فضل الله لأدلته الشرعية التي استند إليها في فتواه قائلاً: الأساس الشرعي ينطلق من القاعدة العامة التي تشمل كل مسلم ومسلمة "من حق الانسان المعتدى عليه أن يدافع عن نفسه" بالتالي فإن من حق الزوجة أن تبادل عنف زوجها بعنف مثله دفاعاً عن النفس بل إنه اذا منعها الزوج حقوقها من النفقة والجنس أن تمنعه كافة حقوقه التي التزمت بها من خلال عقد الزواج. ولا يحق شرعاً أن يسمح للزوج أو الأب أو الأخ أو لأي شخص له صلة بالمرأة أن يضربها خصوصاً الضرب العنيف الذي من حقها أن تدافع عن نفسها إزاءه بأن تواجه هذا العنف ضربة بضربة وحركة بحركة.
ورد فضل الله على القائلين بأن فتواه تتناقض مع قوامة الرجل على المرأة فقال: قوامة الرجل على المرأة لا تعني سيادته عليها والعلاقة بينهما كما حددها القرآن ليست علاقة سيد بعبده ولكن هذه القوامة مرتبطة بمسؤولية الرجل عن أسرته كلها ورفقه ورحمته بها وحمايته لها وإنفاقه عليها حيث يقول سبحانه وتعالى "الرجال قوامون على النساء بما فضل الله بعضهم على بعض وبما أنفقوا " آية 34 سورة النساء..
والقوامة هنا مسؤولية وإشراف على شؤون الأسرة وليست جبروتاً، خصوصاً ان عقد الزواج حسب رأي كثير من الفقهاء لا يلزم المرأة بخدمة زوجها وأولاده وانما هذا تفضل منها حتى ان الله ذكر في القرآن ان لها الحق في أن تأخذ الأجرة على إرضاع ولدها وهذا تأكيد أن القوامة لا تقتضي ان يفرض الزوج على زوجته القيام بكل شؤون البيت بل تقضي أن ينفق على زوجته بأن يهئ لها المسكن والغذاء والدواء وأن تعيش الزوجة بإنسانيتها في بيت الزوج وأن ما تتطوع به من خدمات إنما هو انطلاق من أن العلاقة الزوجية تقوم على أساس المودة والرحمة وأما اذا مارس الزوج العنف ضدها فمن حقها هجره وليس من حقها أن تمنع نفسها من زوجها جنسياً إلا اذا كانت هناك موانع صحية ونفسية واجتماعية، فالجنس هو حق للمرأة كما هو حق للرجل فلا يجوز ان يُمنع الرجل حقه الجنسي اذا كان في حاجة إليه كما لا يجوز للرجل أن يمنع المرأة حقها الجنسي اذا كانت في حاجة إليه.
النار للجبارين
الدكتور محمد سيد طنطاوي شيخ الأزهر يحذر الازواج الذين يتصفون بعنف مع نسائهم بأنهم على خطر عظيم
أرسل الدكتور محمد سيد طنطاوي شيخ الأزهر رسالة تحذير للازواج الذين يتصفون بعنف مع نسائهم بأنهم على خطر عظيم اذا كانوا ظالمين متجبرين حيث قال صلى الله عليه و سلم " ا حتجت الجنة والنار فقالت النار فيّ الجبارون والمتكبرون وقالت الجنة فيّ ضعفاء الناس ومساكينهم فقضى الله بينهما أنك الجنة رحمتي أرحم بك من اشاء وأن النار عذابي أعذب به من أشاء ولكليكما عليّ ملؤها".
وعلى عكس الجبارين أتى لنا الرسول صلى الله عليه وسلم بصفات ذوي الاخالق الطيبة مع الناس جميعاً وخصوصًا مع زوجاتهم فقال: "أكمل المؤمنين إيماناً أحسنهم خلقاً وخياركم خياركم لنسائهم " ووصف عبد الله بن عمرو بن العاص الرسول قائلاً: لم يكن رسول الله صلى الله عليه وسلم فاحشاً ولا متفحشاً وكان يقول: إن من خياركم أحسنكم أخلاقاً ". قال صلى الله عليه وسلم "ما من شيء أثقل في ميزان العبد المؤمن يوم القيامة من
حسن الخلق وان الله يبغض الفاحش البذيء " والرسول لم يضرب أو حتى يوجه كلمة نابية الى إحدى زوجاته حتى وقت الخلاف ولهذا لا بد أن يعرف الازواج ذلك.
الدفاع عن النفس
وأيدت ا لدكتورة ملكة يوسف زرار استاذ الشريعة في جامعة القاهرة هذه الفتوى مؤكدة أن هدفها الرئيسي هو الحد من العنف وليس التشجيع عليه خصوصاً عندما يعلم الأزواج الجبارون ان كل فعل يقابله رد فعل و ليس استكانة ومذلة لأن الاسلام يرفض الجبروت ويدعو للتصدي له لأن ما يفعله الزوج هنا مخالف لتعاليم الشرع الذي وضع مواصفات معينة للضرب أهمها أن لا يكون مبرحاً ولا يصل الى الوجه وان لا يترتب عليه ايذاء أو كسر عظم او خدش جلد لأنه ليس للمرأة ان تستسلم للعدوان المستمر عليها من دون سبب كأنها جارية. ومع هذا ندعو الازواج ان يتخذوا من الرسول صلى الله عليه وسلم قدوة لهم في معاملة ازواجهم حيث قال تعالى "لقد كان لكم في رسول الله أسوة حسنة لمن كان يرجو الله واليوم الآخر وذكر الله كثيراً " وأن يتصف بما أمرنا الله ورسوله بالرفق، حيث قال صلى الله عليه وسلم "ان الله رفيق يحب الرفق في الأمر كله " يجب أن يراعي الزوج الناحية النفسية لزوجته فلا يضربها ويطلب معاشرتها.
ثقافة الصلح والتسامح
دعت الدكتورة سعاد صالح إلى اعتماد ثقافة الصلح بدلا من ثقافة الضرب
ودعت مفتية النساء الدكتورة سعاد صالح العميدة السابقة لكلية الدراسات الاسلامية في القاهرة الى اعتماد ثقافة الصلح " بدلا من ثقافة "الضرب " وذلك انطلاقاً من تكرار القرآن الكريم لمعاني الصفح والتسامح والصلح وأولى الناس بتلك الصفات هم الأزواج والزوجات إذ وصف الله هذه العلاقة المقدسة بالميثاق الغليظ و "أخذن منكم ميثاقاً غليظاً " وجعل هذا الزواج آية من آياته لأنه يحقق غايات سامية فقال سبحانه "ومن آياته أن خلق لكم من أنفسكم أزواجاً لتسكنوا إليها وجعل بينكم مودة ورحمة ان في ذلك لآيات لقوم يتفكرون".
وإذا خرجت العلاقة الزوجية عن ذلك فإن إصلاحها يكون بالصلح وتدخل الأهل" وإن خفتم شقاق بينهما فابعثوا حكماً من أهله وحكماً من أهلها إن يريدا إصلاحاً يوفق الله بينهما". وأخبرنا الرسول أن خير الازواج من يؤدب أهله ويعلق سوطه وذلك عن طريق النصح بالحسنى والصبر على الزوجة قدر الاستطاعة وعدم اللجوء للضرب إلا اذا فاض الكيل وأن يكون الضرب خفيفاً ولو بالسواك.
الوعي هو الحل
وحثت الدكتورة عبلة الكحلاوي عميدة كلية الدراسات الاسلامية النساء على عدم الأخذ بفتوى الشيخ فضل الله إذ أن هذا يسارع بالقضاء على استقرار بيوتهن وكان الأولى به أن يحث الآباء والأمهات وعلماء الدين أن يثقفوا الأزواج بحقوق زوجاتهم عليهم فهذا هو الحل وان ويظهروا لهم ان رسول الله صلى الله عليه وسلم ما ضرب شيئا قط بيده ولا امرأة ولا خادماً وأنه أوضح لصحابته انه ليس الشديد بالصرعة أو القوة وإنما الشديد هو الذي يملك نفسه عند الغضب.
وأنه صلى الله عليه وسلم قدم لصحابته وأمته نموذجاً عملياً في الرفق الذي نحتاج إليه اليوم، وقال عنه "ان الرفق لا يكون في شيء إلا زانه ولا ينزع من شيء إلا شانه" وتأكيده المعنى نفسه في حديث آخر "ان الله رفيق يحب الرفق ويعطي على الرفق ما لا يعطي على العنف"، وليس هذا فحسب وانما وصف من يحرم الرفق بأنه يحرم الخير كله، ويجب أن يحترم الزوج رغبة زوجته في مسألة المعاشرة الزوجية لأنه لا يعقل أن يضربها ثم يطلب معاشرتها وكأن شيئاً لم يكن.
القضية ذات وجهين
تفرق الدكتورة آمنة نصير بين حالتين
وتفرق الدكتورة آمنة نصير العميدة السابقة لكلية الدراسات الاسلامية في الاسكندرية بين حالتين الاولى اذا فشلت وسائل الاصلاح السابقة للضرب الخفيف فتوى للمرجع الشيعي الأعلى في لبنان تثير جدلاً أزهرياً وهي الوعظ والهجر فإن هناك صنفًا من النساء لا يعالجهن سوى هذا الضرب، أما المرأة الحرة فإنه يكفيها الإشارة أو نظرة الغضب من الزوج لتصلح أي اعوجاج في سلوكياتها، وفي هذه الحالة لا يحق للزوجة الرد على الزوج لأنها تكون مخطئة وتزيد نار غضبه اشتعالاً والأفضل لها أن تنصرف من أمامه.. أما الحالة الثانية اذا كان الزوج جباراً وظالماً ويضربها ضرب السيد لعبده فإنه من حقها الدفاع عن نفسها ورد ظلمه لأنها في هذا ترد العدوان إليها، والقاعدة الشرعية حددها القرآن في قوله تعالى "فمن اعتدى عليكم فاعتدوا عليه بمثل ما اعتدى عليكم اتقوا الله واعلموا أن الله مع المتقين " اية 194 سورة البقرة..
ونحن هنا ننصح الزوجين بالعقلانية والبعد عن الضرب بكل صوره لأن الانسان الحر الذي كرمه الله يرفض أن يضرب أحدًا كما لا يحب أن يضربه أحد. وتحفظ الدكتور احمد عمر هاشم الرئيس السابق لجامعة الأزهر على الفتوى السابقة مؤكداً أنها تشعل بيت الزوجية ولا تساهم في تهدئته لأن الضرب غير المبرح حق للزوج في تأديب زوجته الناشز بعد أن تفشل كل وسائل الاصلاح السابقة التي جاءت مرتبة في القرآن في قوله تعالى واللاتي تخافون نشوزهن فعظوهن واهجروهن في المضاجع واضربوهن فإن اطعنكم فلا تبغوا عليهن سبيلاً إن الله كان علياً كبيراً " آية 34 سورة النساء. وهذا الحق في التأديب للرجل لا يقابله حق المرأة في تأديب زوجها إلا حولنا الاسرة الى حلبة صراع تحكمها شريعة الغاب ليستخدم كل طرف من الطرفين أدواته وسائل في هزيمة الآخر ما يقضي على استقرار الاسرة، والافضل أن يتحلى الطرفان بالعقلانية حتى لا يصل الأمر الى الضرب وأن نُعرِّف كل منهما حكم الشرع في سلوكياتهما وقت حدوث أي مشكلة وكيفية علاجها بعيداً عن إيذاء كرامة الاخر وليكن الضرب آخر العلاج للزوجة الناشز بشرط ان لا يكون بقسوة كما يفعل بعض الازواج الجهلاء.
احترام نفسية الزوجة
سامية الساعاتي: تعودت المجتمعات العربية أن تنظر للزوج على أنه سي السيد الذي يأمر فتطيعه زوجته
وعن الاثار النفسية لتطبيق هذ ه ا لفتوى يؤكد الدكتور سيد صبحي استاذ الصحة النفسية في جامعة عين شمس انها سلاح ذو حدين اولهما ان بعض الازواج الذين يضربون زوجاتهم بسبب أو من دون سبب جبناء ويعتقد أن سكوت المرأة ضعف ولهذا لا يرحمها طالما كانت مستسلمة فإذا علم أنها سترد له الضرب مثله قد يفكر ألف مرة قبل أن يقدم على الضرب، وبالتالي ستؤدي الفتوى الى التقليل من نسبة الضرب لوجود الردع ورد الفعل، اما الجانب الآخر من القضية أن الزوج اذا ردت عليه زوجته الضرب سيزداد عناداً وقسوة وتركيبة الجسد أقوى وبالتالي سيزداد قسوة وعندما ترد عليه الضرب أمام الاخرين سيسعى للثأر لكرامته بأن يطلقها بعد أن يتركها جثة هامدة خصوصاً ان البيئة العربية تتقبل نفسياً ضرب الرجل لزوجته ولكنها ترفض بشدة ضرب الزوجة لزوجها حتى ولو كانت في موقع رد الفعل، ولهذا فإن هذه الفتوى لا تصلح مع كل الازواج وقد تؤدي الى طلاق المرأة وتشرد أولادها وكل زوجة أدرى بطباع زوجها.
التبرير الاجتماعي
تعودت المجتمعات العربية أن تنظر للزوج على أنه "سي السيد" الذي يأمر فتطيعه زوجته، هكذا بدأت الدكتورة سامية الساعاتي استاذ الاجتماع في جامعة عين شمس تعليقها على الفتوى التي تؤيدها بشدة وضرورة تغيير النظرة السلبية للمرأة على أنها مخلوق ضعيف ذليل عليها ان تصبر على زوجها مهما أهان كرامتها وضربها بقسوة لأن هذا السلوك السلبي منها يؤدي الى زيادة تجبر زوجها عليها وقهره لها، أما اذا أشعرت هذا الزوج الجبان بأنه سيكون هناك رد فعل وليس في هذا مخالفة للدين سيفكر جيداً قبل ارتكاب حماقة الضرب عامة القسوة فيه خصوصًا، اذا لم يكن هناك سبب جوهري له وانما يفعله الزوج من باب استعراض العضلات أمام الآخرين ومثل هؤلاء لا بد أن تريه زوجته "العين الحمرا " وأنها ليست "عبدة " حتى يجلدها لأن الإيذاء البدني والنفسي للزوجة الحرة يقتلها ويدمر حياتها لأنها إنسان له كرامة.
فتوى تجيز للمرأة ضرب زوجها وهجر فراشها
فتوى تركية تثير جدلاً واسعًا
فتوى تبيح للمرأة ارضاع زميل العمل !!!
فتوى "إرضاع المرأة زميلها في العمل".. تثير الأزمات