تعيش مدينة الناصرة، أكبر مدينة عربية لعرب الـ48، قلقاً وغلياناً ورفضا شعبياً لزيارة مد عي النبوة النيجيري تي. بي. جوشوا، مؤكدين انه شخص مشبوه هدفه بناء مؤسسة صهيونية ترو ج لإسرائيل ولا علاقة له بالدين. وهاجم اهل الناصرة مسلمين ومسيحيين، زيارة من وصفوه بـ"الدجال" و"المشعوذ" والداعم الأكبر لإسرائيل، مؤكدين انتماءهم للشعب الفلسطيني ورافضين موقف رئيس بلدية الناصرة علي سلام، الذي رحب بالمبشر الدجال وعقد معه صفقة مشبوهة غامضة يرفض الكشف عنها لأهالي الناصرة. ويطالب الأهالي بإلغاء هذه الزيارة وعدم استغلال مكانة الناصرة العربية الدينية والتاريخية للترويج لدعاية صهيونية.
والمفروض ان يزور جوشوا المدينة الشهيرة مسقط رأس يسوع الناصري، السيد المسيح عليه السلام، يوم غد وبعد غد. وسيصل كما قال مصطحباً معه المئات بل الآلاف من أنصار كنيسته والتي يطلق عليها اسم "كنيسة كل الأمم". وتحوم حول جوشوا سلسلة من قضايا الغش ومنها أنه يد عي النبوة، وهذا يناقض الدين المسيحي وكل دين سماوي. كذلك يزعم أنه مكث في رحم أمه مدة 15 شهرا. وهو ينظم مهرجانات، يزعم فيها أنه يُخرج الشياطين ويخدع الناس ويقوم بتمثيليات متظاهرا فيها بشفاء المرضى وتمكين المقعدين من المشي، وهو متورط عالميا بقضايا غش وخداع، ومحظور دخوله لأكثر من دولة.
الزيارة التي رفضها اهل الناصرة مسيحيين ومسلمين متمسكين بفلسطينيتهم
وكان رئيس بلدية الناصرة "علي سلام" قد التقى مع المبشر "الدجال" النيجيري ووافق على منحه موقع جبل القفزة (الواقع جنوب شرق الناصرة)، ليقيم فيه طقوسه الدينية. وكان هذا المكان قد تم تجهيزه على أيام رئيس بلدية الناصرة السابق، رامز جرايسي، خصيصاً لاستقبال بابا الفاتيكان الذي زار الناصرة قبل حوالي 10 سنوات.
وقال المهندس أحمد زعبي نائب رئيس بلدية الناصرة السابق منتقدا قرار الرئيس الحالي: "هناك حالة غضب ونقمة شديدة لدى كل الفئات الدينية والسياسية في الناصرة، سواء أكانوا مسلمين أو مسيحيين. هذا الأمر مرفوض وغير مقبول! رئيس البلدية يتعاون بشكل واضح مع الحكومة الإسرائيلية ومع الليكود اليميني المتطرف لفرض الأمر على أهل الناصرة. لكن انتماء أهالي الناصرة العربية كان ولا زال إلى شعبنا الفلسطيني وأمتنا العربية الفلسطينية".
وعلق الناشط الاجتماعي ابن المدينة زاهر بولس، أن الأهداف للزيارة هي سياسية، وأن جاشوا سيأتي إلى الناصرة، ليبني مؤسسة صهيونية مسيحي ة كي ترو ج لإسرائيل من باب الدين، وكي يرو ج لاحتلال إسرائيل لفلسطين! هذا يعني أنه يتطاول على وجودنا، ولن نستقبله في الناصرة إلا بالنعال.
وأضاف بولس وهو مسيحي الديانة: "معركتنا هي معركة وطنية لنمنع إقامة مستوطنة صهيونية - مسيحية على أراضي الناصرة. فأراضي الناصرة للعرب، وهذه الأرض نريد تخصيصها لبناء جامعة تدر س طلابنا باللغة العربي ة الأم، وهذا حق أساسي سننتزعه في مواجهة العدمية القومية والتجهيل الصهيوني المبرمج".
دعاية كاذبة للدجال جاشوا يخدع الناس مدعيا شفاء المرضى والمقعدين!
وقالت السياسية والقيادية النسوية الفلسطينية، عايدة توما- سليمان، وهي عضوة كنيست ضمن قائمة الجبهة الديمقراطية للسلام والمساواة التي تحارب من اجل حقوق عرب الداخل (عرب الـ 48)، قالت ان كل الدلائل تشير لعمق علاقات جوشوا مع المؤسسة الإسرائيلية الحاكمة ومع الحركة الصهيونية العالمية وحكومة المستوطنين. ودعت رئيس بلدية الناصرة، للتجاوب السريع مع اجماع مواطني الناصرة، وجماهيرالشعب العربي عامة من عرب ال48، لإلغاء مهرجان الدجال المشعوذ تي بي جوشوا.
وأضافت عايدة توما-سليمان: "أنا أحيي المؤسسات الدينية المسيحية، التي أدانت ورفضت زيارة الدجال المشعوذ جوشوا لمدينة الناصرة. وبنفس الوقت أوجه التحية لرجال الدين المسلمين والذين وقفوا مع اخوتهم المسيحيين وعارضوا مهرجان الشعوذة الذي وافق رئيس بلدية الناصرة علي سلام وبقرار شخصي على اقامته في أحد معالم المدينة المقدسة التاريخية، رغم رفض المواطنين، كما رفض الرئيس كشف كل الحقائق وتفاصيل الاتفاق مع هذا المشبوه".
ويطرح اهل الناصرة الكثير من التساؤلات حول موقف رئيس البلدية المعارض للإجماع الحاصل بين المواطنين على رفض هذه الزيارة التي تمت بالتنسيق مع حكومة الاحتلال. وانتشرت صور لجوشوا برفقة العديد من الشخصيات اليهودية اليمينية ومن منظمات يهودية متدينة. وانتشرت كذلك صور جوشوا مع رئيس بلدية الناصرة علي سلام والوزير الأسبق أيوب القرا من حزب الليكود اليميني المتطرف.
ومما زاد النقمة، تقرير بثته القناة الإسرائيلية الثانية عن رحلة تي. بي. جوشوا لإسرائيل، وعن عزمه جلب الآلاف من أتباعه ليقيم طقوسه الدينية في مدينة الناصرة العربية وعلى شواطئ بحيرة طبريا، وحديثه عن نيته استئجار مساحات واسعة وعقارات لأتباعه ونيته بناء مقر له لكيسته قرب بحيرة طبريا.
وبدأت المعارضة في المدينة مع تسريب أنباء عن عقد صفقة مشبوهة وغامضة بين بلدية الناصرة وبين جمعية "عمانويل" التابعة لكنيسة جوشوا، بخصوص دفع مبلغ من المال مقابل إقامة طقوس جوشوا الدينية في الناصرة. وشملت المعارضة ناشطين، وجهات دينية إسلامية ومسيحية، وهيئات أهلية في المدينة.
وقدمت إحدى الجمعي ات طلباً رسمياً لبلدية الناصرة من اجل الكشف عن ملابسات زيارة تي. بي. جوشوا المشبوهة إلى الناصرة، وكشف تفاصيل وشروط الموافقة على منحه حق استخدام جبل القفزة.
وقالت السيدة عفاف توما، وهي اول امرأة رئيسة لمجلس الطائفة الأرثوذكسية في الناصرة: "الرجل دجال بغطاء ديني. وهناك هدف ليس برئ من زيارته الناصرة. لا علاقة لهذه الزيارة بالدين، وهو لا يمت أصلا للمسيحية بصلة لا من ناحية تعاليمه ولا أقواله ولا أفعاله. المسيحية ليست هكذا. أهدافه سياسية، وهو خطر على كنائسنا وعلى شبابنا وعلى الناس، وهذا الأمر مرفوض كلياً بالنسبة لنا. جميع أعضاء البلدية و رجال الدين المسيحيون و المسلمون ضد هذه الزيارة".
وقد انضم رجال دين مسلمون و أئمة المساجد للحملة الرافضة لهذه الزيارة. و أصدرت رابطة الأئمة و الدعاة في الناصرة بياناً جاء فيه: "نحن رابطة الأئمة و الدعاة في الناصرة نعلن عن موقفنا الواضح ضد زيارة هذا المشعوذ الدجال، و نؤكد حرمة المشاركة بالفعاليات التي سوف تنظم خلال حضوره، وكل نشاط له علاقة بهذا الشخص و بزيارته. نحن ندعو لالغاء الزيارة وإلغاء أي نشاط يتعلق ببرنامجه".
وبعد صمت طويل من قبل بلدية الناصرة ورفض الرئيس علي سلام الرد، على الرفض الشعبي من أهالي الناصرة للزيارة، أصدرت بلدية الناصرة أخيرا بياناً قالت فيه: "هذا القس المسيحي سيزور المدينة و جبل القفزة، بعد زيارته لمدينة بيت لحم و مدينة القدس و لقاء رجال دين مسيحيين و مسلمين و يهود، و رجال سياسة و رؤساء بلديات. ان هذه الزيارة ستدعم المدينة اقتصادياً وقد تم تسييسها من قبل بعض المهزومين بالمعركة الانتخابية الأخيرة، فهم يحاولون عبثاً العودة للساحة السياسية وإعاقة عمل رئيس البلدية علي سلام. وكي يدعموا مواقفهم المنزوعة عن الصحة، يزعمون أن علي سلام يستقبل ويهلل من يد عي النبوة والعياذ بالله!
تعليقات الزوار | اضف تعليق
