لم يتوقع كثيرون أن يصبح الطالب الفاشل "بيدج" مليونيرا يدير سلسلة لأكثر المطاعم شهرة في بريطانيا. فقد تم طرده من مدرسته الثانوية، ولم يقبل لأي عمل مكتبي لأنه رفض قص شعره الطويل، أو لبس رابطة عنق، ثم عمل في غسل الصحون في مطعم بيتزا وبدأ يتدرب ليصبح معلما، لكنه تخلى عن الدراسة ليواصل العمل في مطعم البيتزا ثم يصبح صاحبه ورئيس سلسلة المطاعم الأشهر في الدولة..
لم يكن ديفيد بيدج هو الشخص الذي جلب البيتزا إلى المملكة المتحدة، لكنه لعب دوراً رئيسيا في جعل مطاعم "بيتزا إكسبريس" من أكثر الأماكن شعبية لعشاق الطعام في بريطانيا في ثمانينيات وتسعينيات القرن الماضي. وإذا نظرنا إلى رحلة بيدج المهنية قبل أن يصبح رئيسا لتلك السلسلة الشهيرة من المطاعم، ومالكاً لمجموعات أخرى من المطاعم مثل "غورميت بيرغر كيتشن"، و"فرانكو مانكا"، سنجد أنها لم تكن رحلة تقليدية بالمر ة. اليكم قصة نجاح هذا المليونير..
ويتذكر بيدج، البالغ من العمر الآن 65 سنة، ذلك اليوم في أواسط ثمانينيات القرن الماضي عندما تقدم بطلب للحصول على قرض مالي تبلغ قيمته نحو مليوني جنيه استرليني، وقابله مدير ذلك البنك بنوع من الشك، لا لشيء إلا لأن بيدج كان ينتعل خف ين بسيطين مصنوعين من القماش. ويقول بيدج ضاحكا: "حتى إنني لم أكن ألبس أية جوارب. ولم يكن الرجل يصدق ما يرى، ورغم ذلك أقرضني المبلغ المطلوب".
لم يتوقع كثيرون أن بيدج سيواصل المسير ليدير سلسلة من أكثر المطاعم شهرة في المملكة المتحدة. فقد تعرض للطرد في عام 1969 من مدرسته الثانوية "ويمبلدون كوليدج" في جنوب غربي لندن، وذلك بسبب "التهر ب من الدراسة"، بحسب وصفه. ثم حاول ديفيد أن يصبح رسام خرائط لدى شركة "أوردنانس سيرفي"، وهي المؤسسة المختصة برسم الخرائط في المملكة المتحدة. لكن رفضه لقص شعره، أو لبس رابطة عنق، أدى إلى تركه لهذا المسار.
وبدأ عقب ذلك في التدرب ليصبح معلماً، وكان يغسل الصحون في مطعم "بيتزا إكسبريس" جنوبي لندن ليكسب ما يكفيه للعيش في ذلك الوقت. ويقول ديفيد إنه أدرك حينها أن العمل في مجال المطاعم هو رغبته الحقيقية، وعندما حانت الفرصة لشغل مركز مدير فرع مطعم "بيتزا أكسبريس"، تخلى بسرعة عن صفوف الدراسة.
وبحلول عام 1981، اشترى حق امتياز تشغيل فرع مطعم "بيتزا إكسبريس" بمنطقة "تشيزيك" في غرب لندن. ويقول ديفيد، الذي رهن عقاره ليستدين المال اللازم: "إذا كنتَ مولعاً بأن تصبح رأسمالياً، فعليك أن تشتري حق امتياز تشغيل فرع شركة ما". ويضيف: "لم أكن أعرف ما يعنيه أن تكون رأسمالياً، فقد كان والداي اشتراكيين، لذا كانت الرأسمالية كلمة بذيئة جداً".
وخلال العقد التالي، واصل ديفيد افتتاح العديد من المطاعم من خلال امتلاك حقوق امتياز لتشغيل بعض المطاعم ذات الأسماء المعروفة. وبحسب ديفيد، فإن "بيتزا إكسبريس" كانت "رائدة" في ثمانينيات القرن الماضي، وكانت إضافة جديدة في سوق المطاعم الذي لم يكن ثريا في انجلترا في ذلك الوقت. حتى إنه يتذكر تلقيه رسالة من "زبون مسرور بشكل لافت" في بلدة "بانستيد" بمقاطعة "سري"، وأعلن بأن افتتاح فرع "بيتزا إكسبريس" في تلك البلدة كان الحدث الأكثر إثارة فيها منذ افتتاح المكتبة في عام 1942.
وعند طرح أسهم "بيتزا إكسبريس" في سوق لندن للأوراق المالية في عام 1993، كان ديفيد وثلاثة من شركائه يمتلكون حقوق امتياز 25 فرعا، كانت تشكل الجزء الأكبر من تلك الشركة المسجلة حديثاً. وقد أصبح ديفيد المدير التنفيذي للشركة، ولاحقاً رئيسها، في وقت نمت فيها "بيتزا إكسبريس" لتضم 300 فرع، معظمها في المملكة المتحدة، والقليل في بلدان أخرى مثل الولايات المتحدة الأمريكية أيضاً.
ثم بيعت سلسلة المطاعم في عام 2003 لعدد من شركات القطاع الخاص المساهمة مقابل 278 مليون جنيه استرليني. واليوم، تمتلك مؤسسة "هوني كابيتال" الصينية شركة "بيتزا إكسبريس" ولديها فروع في 11 بلداً. بعد تركه شركة "بيتزا إكسبريس"، واصل بيدج المشاركة في تأسيس مجموعة مطاعم "كلابهام هاوس" الأم، وهي المالكة لسلسلة شركات تضم "غورميت بيرغر كيتشن" و"بومباي بايسكل كلاب" و"تووتسيز".
وجاء يوم استلام مبلغ كبير آخر في عام 2010 عندما بيعت "كلابهام هاوس" لسلسلة مطاعم "ناندوز" لبيع الدجاج بالفلفل الحار، في جمهورية جنوب أفريقيا، مقابل 30 مليون جنيه استرليني.ولكن بدل التقاعد مبكراً، بدأ بيدج البالغ من العمر آنذاك 58 عاماً البحث عن فرصته التالية في قطاع المطاعم. وقد جذب انتباهه مطعم "فرانكو مانكا" الصغير لعمل البيتزا، والذي كان قد افتُتح في عام 2009 بمنطقة بريكستن جنوبي لندن، ولذا فكر في الاستثمار فيه.
ويقول بيدج إنه بسبب اصطفاف زبائن ذلك المطعم في طابور يلتف حول زاوية الشارع بغرض شراء البيتزا التي تخبز في فرن يستخدم الخشب كوقود، كان هو وأفراد فريقه "من مشجعي الفكرة منذ اليوم الأول". ولذا، سرعان ما استثمروا في "فرانكو مانكا" ليساهموا في انتشاره أكثر. وفي عام 2015، اشترت مجموعة بيدج الاستثمارية الجديدة المعروفة باسم "فولهام شور"، الجزء الأعظم من أسهم "فرانكو مانكا" لقاء 27.5 مليون جنيه استرليني.
يوجد حالياً أكثر من 40 فرعا لمطعم "فرانكو مانكا"، أغلبها في لندن. ويصمم بيدج بنفسه كل فرع منها، ويركز على حسن استغلال كل مساحة متوفرة داخل المطعم. وعند سؤال بيدج عن سر نجاحه بالتحديد، أجاب: "لا أعمل بمفردي". فقد عمل مع نفس فريق العمل طوال العقدين الماضيين. ويقول إنها "حقاً عائلة واحدة كبيرة وسعيدة". وقد فتحت سلسلة المطاعم هذه، فرعاً صيفياً لها على جزيرة سالينا الإيطالية، شمالي صقلية، حيث يمتلك مؤسسها جوسيب ي ماسكولي بيتاً فيها. وحسب قول بيدج: "الجميع يحبون البيتزا، في كافة أرجاء العالم."
تعليقات الزوار | اضف تعليق