ما الذي يعيق حفل افتتاح مصنع الالومنيوم imc في المنطقة الصناعية تسيبوري؟ ماذا يخطط رئيس بلدية نتسيرت عيليت؟ ماذا يدور في أذهان رؤساء المجالس المحلية القريبة من المنطقة الصناعية؟ مَن يتصدى للخطر البيئي الذي سينجم إقامة مصنع جديد في المنطقة؟ ما هو حال مصنع فينتسيا المُقام منذ سنتين؟ أسئلة كثيرة لا يمكن تجاهلها، فهل لها إجابات واضحة ومحددة؟! حاولنا في فرفش الحصول على إجاباتٍ محددة، لكننا فوجئنا بتشعب القضية وبأسئلة أكثر لا تجد مَن يجيب عليها!!
العضو في اللجنة الشعبية نبيل أبو داهود ..
كُنا في كفر كنا وتعرفنا عن قرب على كثير من الحقائق التي يمكن كشفها، للإطلاع على أبعاد القضية- قضية التلويث البيئي ومخاطره، وكيف يمكن مجابهة مخطط جديد لإقامة مصنع للألومنيوم في المنطقة الصناعية (تسيبوري) القريبة من قرى الرينة، كفر كنا، المشهد، هوشعيا، وبيت ريمون، والخطر لا ينأى عن الوصول إلى هواء الناصرة أو قرية كفر مندا....
عن حيثيات القضية وبعض التفاصيل أفادنا بكر عواودة رئيس اللجنة الشعبية في كفر كنا، الذي مَدنا وزميله العضو في اللجنة الشعبية نبيل أبو داهود بالمعلومات اللازمة وبالمخاطر المحدقة بالبلدات القريبة من المنطقة الصناعية وقد شرَح لنا بدايةً عن مصنع فينتسيا للزجاج وعن وضعيته البيئية مؤكدًا على أن هناك غطاء بيئياً محدداً وصل اليه مصنع فنيتسيا القائم حاليًا، بل وتجاوزه مسار الانتاج في معظم الحالات، خصوصًا عندما قام المصنع بإنتاج (المرايا) المصنوعة من معادن، الأمر الذي زاد من التلويث البيئي في المنطقة.
ويعرف عواودة مثلما يعرف أبو داهود والمهتمون أنه لم يكن بالمستطاع ايقاف افتتاح مصنع فينتسيا في حينه، لكنَ قدرة بلدية نتسيرت عيليت على الحصول على موافقة وزارة البيئة والجهات الرسمية، حالت دون إمكانية الرفض أو حتى الاعتراض على افتتاح المصنع، مثلما عجزَ الجميع عن منع السلطات من اقتطاع أراضٍ من قرى كفر كنا والمشهد وضمها الى نتسيرت عليت التي تبعد جغرافيًا عن المنطقة، ليشير الجميع ألى "الاخطبوط النصراوي الأعلى"، الذي لا يمكن الوقوف في وجهه.
وما شفع لإدارة المصنع كما أوضح أبو داهود أن فنيتسيا افتتحت للصناعة الخفيفة والنقية، كما وَعَد مناحيم أرياف رئيس بلدية نتسيرت عيليت، لكنه سرعان ما استدعى أصحاب رؤوس الأموال ليأتوا ويستثمروا المزيد من الصناعات في أرض صفوريا، وبهذا تنتظرُ الأوراق الرسمية في اللجنة اللوائية وينتظر المصنع المجهز تشغيل الكهرباء ليُباشر المستثمرون عملهم بمباركة بلدية نتسيرت عيليت.
مخالفات متتالية لفنيتسيا جراء التلويث البيئي
بكر عواودة رئيس اللجنة الشعبية في كفر كنا..
يؤكد بكر عواودة ونبيل أبو داهود أن وزارة البيئة والسلطات الرسمية وجهت إنذاراتٍ شديدة اللهجة ومخالفات متكررة وصلت لإدارة مصنع فينتسيا، وتم دفع غرامة مالية باهظة، بسبب تجاوز الغطاء المسموح بِهِ، وإدارة مصنع فنيتسيا تُدرك تمامًا خطورة ما يَجري، لكن الربح المادي والتطور الصناعي على رأس سلم أولويات المصنع.
نشاطات اللجنة الشعبية في كفر كنا
وصلت اللجنة الشعبية اليوم الى ما يزيد عن 100 شخص من كافة الأطياف السياسية والحزبية والدينية، وانبثق عن اللجنة لجنة بيئة، وهي تضع الموضوع البيئي في المقام الأول، وهناك إطار يجمع بينها وبين جميع الناشطين من المناطق المجاورة في الرينة، المشهد، هوشعيا وبيت رامون وحتى مجلس يزراعيل الذي تجند للمعركة.
وقد قررت اللجنة الشعبية في كفر كنا أخذ موضوع التلويث البيئي على محمل الجد، ويتم في المرحلة الحالية بلورة خطة تفصيلية لمحاربة التلويث البيئي داخل كفر كنا وخارجها حيثُ المصانع الخطيرة المُقامة والمزمع إقامتها.
ولا يمكن تجاهل البنية التحتية السيئة في كفر كنا، حيثُ هناك المياه العادمة (المجاري) العائمة في القرية، وفي هذا الاطار يجب تفعيل الجمهور وتوعية الكناويين لمخاطر هذا التلوث، الذي يُضاف لِما يتدفق من المنطقة الصناعية.
ويقول عواودة: ومن أجل النقد الذاتي والتطور نحو بيئةٍ أنقى، علينا أن نبدأ التوعية من مدارسنا، لذا نحاول في اللجنة الشعبية تجنيد أكبر عدد ممكن من الأطر المحلية لتنضم إلينا وتنشر الوعي بين أهل البلد الواحد، وفي نفس السياق لا يمكن تجاهل موضوع مكب النفايات التي يزوره القريب والبعيد، وكأن كفر كنا أصبحت أراضٍ بور، أو منبت القمامة... وفوق ذلك هناك موضوع الانتينات الذي يزيد الطين بلة، فوق بلة.
مَن يتحدى البيروقراطية
يكشف لنا محمد عباس، مدير منطقة الناصرة في جودة البيئة عن عملية الاعتراض في اللجنة اللوائية التي قدمها الناشطون في اللجنة الشعبية والبلدات المجاورة فيقول:
منع إقامة مصنع الالومنيوم بشكلٍ نهائي واحد من مطالب اللجنة..
حاول رئيس بلدية نتسيرت عيليت مناحم ارياف أن يتجاوز وزارة البيئة التي صاغت قانوناً يمنع إقامة مصنع الالومنيوم لأنه ملوث للبيئة، لكن صحوة اللجنة الشعبية كشفت أسلوب ارياف في التحايل على القوانين والوقائع، فاضطر الأخير لتقديم اعتراضه على القانون أمام اللجنة اللوائية، الأمر الذي أجل مشروع المصنع الجديد لتسعةِ شهور. لكن إصرار ارياف على تحصيل الموافقة لإقامة المصنع قد يعطيه ضوء أخضر لتحقيق أمنيته.
مطالب اللجنة الشعبية وممثلي البلدات المعترضة
اتفق الجميع وهم اللجنة الشعبية والناشطون في المناطق المعترضة على إقامة المصنع ومعهم محمد عباس ممثل وزارة البيئة على ما يلي:
المطالبة بتمثيل إداري داخل مصنع فينتسيا لمعرفة ماذا يحصل عن قرب.
متابعة فحص التلويث في المنطقة الصناعية بشكلٍ مستمر.
وجود مراكز ثابتة لفحص التلوث في المناطق المُعرَضة لهذه المخاطر.
تكثيف الجهود والتنسيق بين الجميع بمن في ذلك بلدية الناصرة أيضًا لمكافحة التلوث ومخاطره.
منع إقامة مصنع الالومنيوم بشكلٍ نهائي.
الحفاظ على الابار الارتوازية في منطقة كفر كنا والمناطق الأخرى.
موقف وزارة البيئة من المنطقة الصناعية
يد عي محمد عباس، ممثل وزارة البيئة، أن ه لم تكن لوزارة البيئة سياسة الاعتراض لمجرد الاعتراض، عندما تُقام المصانع، فوزارة البيئة لها طلبات محددة يتم فحصها والتأكيد على عدم وجود تلويث للبيئة قبل الموافقة على إقامة المصنع، ولمجرد إقامة المصنع، تعاد الطابة إلى ملعب سلطة المؤسسات الرسمية وليس إلى وزارة البيئة، لكن ما تفعله وزارة البيئة هي التوصيات والحاجة لتوضيح نسبة الضرر بسبب التلويث إن وجد.
وقالَ عباس: "لو سئلت أنا شخصيًا عن موقفي من إقامة مصنع الالومنيوم، أؤكد أنه يأتي بصناعة غير نقية، تزيد مخاطر التلويث، ومادة الالومنيوم لا يمكن ان تكون صافية، ولا يمكن السيطرة على نتائج ما سيحدث مستقبلاً لو صودق نهائيًا على تشغيل المصنع.
الحقيقة المؤلمة تنذر بخطر الأمراض الفتاكة وعلى رأسها مرض السرطان..
وحتى لو قررنا الاعتراض مجددًا على التلويث الصادر عن مصنع فنيتسيا وطلب إزالته فلن نستطيع تغيير واقع وجوده، وأول ادعاء سيصدر عن المسؤولين أن المصنع يعيل 500 عائلة، وما نعوِل عليه بشأن إدارة فنيتسيا أن تتدارك مخاطر التلوث، وتتدارك المخالفات المتكررة التي تصلها، ويمكنها التعويض عن الضرر باستخدام الغاز الطبيعي الذي يقلل نسبة التلويث بـ 99%. ويمكنه استخدام الفلتر المانع للتلوث في المصنع، وهذا الأمر يشغله المراقب الذي يكون لنا ضلع كبيرٍ عندما يتم المصادقة على قرار دمجنا في إدارة المصنع من أجل فحص خطورة التلويث، وسبل التخفيف منه". النتائج الصحية تؤكد أن نسبة الأجسام الملوثة في كفر كنا والقرى المجاورة تفوق المسموح بـ 140%
الحقيقة المؤلمة التي تثبت الى أن نسبة الأجسام الملوثة في محيط كفر كنا والمشهد وسواهما من المناطق المحاذية للمنطقة الصناعية، تنذر بخطر الأمراض الفتاكة وعلى رأسها مرض السرطان.
ومن جهته يؤكد الدكتور شكري عواودة، وهو عضوٌ ناشط في اللجنة الشعبية في كفر كنا أن هناك ارتفاعاً كبيراً في عدد مرضى السرطان، ومرضى جهاز التنفس، وهناك ارتفاعٌ حاد أيضًا بنسبة الاجهاض وصل الى 5%، ورغم أنه لا يستطيع تقدير النسبة الفارقة بين الأمراض التي سادت قبل عشرين عامًا وبين الأمراض المنتشرة اليوم، لكن ما يمكن التأكيد عليه من جانب الدكتور عواودة أن هناك ارتفاعاً ملحوظاً في عدد المرضى الذين يتوجهون لتلقي العلاج بعد تعرضهم لمرض السرطان أو امراض يمكن أن يكون للتلوث البيئي السبب الرئيسي في وجودها.
أعضاء الكنيست العرب يدعمون اللجنة الشعبية في كفر كنا
على مستوى أعضاء الكنيست ينشط بعضهم في مساندة اللجنة الشعبية في كفر كنا وعلى رأسهم يقف دوف حنين، وهو من أوائل المعترضين على إقامة مصنع الالومنيوم في المنطقة الصناعية وهو نشيط بيئيًا كونه كان مسؤولاً عن جمعيات البيئة في البلاد، وقد شارك عبر الكثير من المحاضرات والتوجيهات وبتعاونٍ مع جمعية "ادم طيفع فدين" في محاربة الملوثات البيئية الناجمة عن المصانع في منطقة (تسيبوري) صفورية، داعيًا للمحافظة على صحة وسلامة الانسان.
