لا تصنف الحيتان والدلافين على أنها أسماك، بل تعتبر ثدييات بحرية. هذه الكائنات الفريدة ترضع أطفالها وترعى أحفادها، وتذهب حتى إلى حفلات غنائية! نلقي نظرة فاحصة على هذه العمالقة الرمادية. لن تصدق هذا الأمر ولكن، الحيتان والإنسان.. متشابهان! كيف ذلك؟
تعتبر الحيتان من ذوات الظلف (مزدوجات الأصابع)، وتعد من أقرباء فرس النهر، وقد تبين من خلال اختبارات جينية وتسجيلات أحفورية أن أسلافها من الثدييات عاشت فوق سطح الأرض. لكن مع تغير الظروف المعيشية منذ حوالي 55 مليون عام، هاجر أجدادها إلى الماء ليصبحوا بالشكل الذي نعرفه اليوم.
يمكن تقسيم الحيتان إلى مجموعتين: حيتان مسننة وحيتان بالينية (بدون أسنان). تعد الحيتان المسننة عموماً أصغر حجماً من نظيرتها وتتغذى على اللحوم، مثل الأسماك والفقمات والأخطبوط وحتى أسماك القرش. تشمل هذه المجموعة أنواع مختلفة، مثل الدلافين والحوت القاتل (الأوركا) وحيتان العنبر العملاقة.
تتغذى الحيتان البالينية على العوالق، إذ يعلق غذاؤها بين شعيرات "لحية" في نهاية الفك العلوي، وذلك بعد أن تضع الحيتان كمية كبيرة من الماء في فمها، وتضغط عليها فتتخلص من المياه وتبقى العوالق.
تعتبر الحيتان البالينية من بين أكبر الحيوانات التي عاشت على الكرة الأرضية، أكبرها الحوت الأزرق، إذ يصل طوله إلى 30 متراً ويزن 200 طن، وربما يعود هذا الحجم الهائل إلى كونها من ذوات الدم الحار، مما يعنى حاجتها إلى كتلة إضافية لتدفئتها داخل المحيطات الباردة.
الحيتان البالينية ليست كبيرة فحسب، بل يمكن أن تعم ر لفترة طويلة. حوت غرينلاند (برفقة حوتين من نوع البيلوغا) يعتبر أكبر الثدييات عمراً، إذ يبلغ من العمر 200 عام تقريباً، وربما يعود هذا لكونها تتمتع بجينات تحميها من السرطان، ومع ذلك، للأسف لا تعيش جميعها طويلاً، فمتوسط عمرها يصل إلى 40 عاماً.
تستخدم الحيتان المسننة الموجات فوق الصوتية لتحديد موقعها، إذ تبعث بها وترتد من على أجسام الكائنات البحرية الأخرى. هذه القدرة تمكنها من الصيد بفاعلية، ويعتقد الباحثون أن الحيتان تستطيع التفريق بين أنواع السمك بمساعدة الارتدادات الصوتية، ولكن حتى الآن لا يستطيع العلماء تحديد كيفية عمل هذه الخاصية.
تُعرف الحيتان المحدبة بأغانيها الملحنة، إذ تختلف لهجاتها مع اختلاف أماكن عيشها، إلا أنها تتبادل مخزونها اللغوي خلال لقاء سنوي في جزيرة مرجانية صغيرة قبالة نيوزيلندا، ويغنون لبعضهم البعض في حفلة "كاريوكي" مائية.
كونها من الثدييات، فإن الحيتان ترضع صغارها، ولكن بدلاً من الاتصال المباشر المعروف، فإن بعض الأمهات تقوم بـ "حقن" أطفالها بالحليب مباشرة في أفواههم، إذ يحتوي حليبها على 50 في المائة من الدهون، ولهذا فهو يتمتع بقوام يشبه إلى حد ما معجون الأسنان، مما يعني أنه لا يذوب في الماء، وبهذا يتمكن الصغار من الشعور بالشبع!
تعتبر الحيتان من الكائنات الحية القليلة التي تصل إلى سن اليأس. تعيش الحيتان القاتلة في مجموعات تقودها أنثى مسنة، والتي تعرف بخبرتها الطويلة أفضل أماكن الصيد. وتقوم بنقل هذه المعلومة إلى بناتها، وكونها الجدة فهي تساعد أيضاً في رعاية الأحفاد، وبالتالي ضمان الحفاظ على جيناتها.
تعليقات الزوار | اضف تعليق
