في غضون العشر سنوات الماضية شهدت بعض المنتجعات المصرية طفرة على نطاق السياحة العلاجية قلما شهدتها أي دولة أخرى سواء عربيه أو أجنبية مما أثر بالإيجاب على عائد البلد الاقتصادي وزيادة الدخل القومي حيث بلغت نسبة هذه النوعية من السياحة في مصر فقط من صفر في المائة إلي 10 في المائه من إجمالي حركة السياحة العالمية بما يعني تواجد من 300 إلى 500 ألف سائح بدخل اقتصادي قدره خمسة مليارات جنيهاً سنويا على الأقل، ولم يكن العائد الاقتصادي فقط هو الربح الوحيد من هذه الطفرة بل والمردود الاجتماعي كذلك حيث عادت الثقة للمواطن المصري في منتجعات بلده وبالتالي صرف نظر تماما عن السفر للخارج لتلقي العلاج.
العلاج بالتدليك
ورغم هذه الطفرة للسياحة العلاجية في مصر إلا أن هناك عدداً كبيراً من دول الكتلة الشرقية حاولت اقتحام هذا المجال وفرض نفوذها مستخدمة وسائل دعاية قوية على غرار تخفيض الأسعار والتعهد بخدمة مميزة، محاولة بذلك منافسة سوق السياحة العلاجية المصرية، إلا أن مصر لم تصمت وبدأ القائمين على وزارة الصحة ونظيرتها في الإعلام والطيران في التكاتف من اجل البقاء في الريادة العلاجية وبدأت الخطط التنظيمية المدروسة والتي بدأت بتعديل قوائم الأسعار، وتم عقد اتفاقيات مع بعض الدول لتوريد المرضى الراغبين في العلاج إلى مستشفيات مصر بالإضافة إلى تأهيل الأطباء والعمل على صقلهم، وذلك من خلال بعض الدورات التدريبية بالتعاون مع عدد من الدول الأجنبية وتطوير مباني المستشفيات ومراكز البحوث المصرية.جهود مصرية للارتقاء بالسياحة العلاجية
وكذلك قامت وزارة الطيران المدني بإنشاء مكتبين في مطار القاهرة بالاتفاق مع وزارة الصحة تحت قيادة محمد عوض تاج الدين وزير الصحة السابق، بغرض استقبال المرضى الوافدين وإرشادهم إلى مستشفيات ومراكز تلقي العلاج وتوفير وسائل النقل المريحة لهم ,وعلى الجانب الأخير حرصت مصر على ضرورة التعاون بينها والدول الأخرى من اجل الترويج أكثر للسياحة العلاجية لذا اشتركت في العديد من المعارض الصحية باليمن ولبنان ترويجا لهذا النوع من السياحة، الذي احتار المصرين كثيرا في البحث عن أصولها في مصر ومكتشفها إلا أن توصلوا إلى مخطوط كبير الحجم تم العثور علية في مكتبة الإسكندرية عنوانه "ينبوع شفا الأبدان في حمامات حلوان" للدكتور حسن بك محمود حكيم وذلك في النصف الأخير من القرن الماضي، ومن وقتها وضع المصرين في عقولهم ضرورة البحث والتفتيش، وبالفعل وبعد عدة أبحاث ودراسات على عدد كبير من المدن والمنتجعات المصرية جاءت النتائج مذهلة حيث تتمتع مياه وعيون أكثر هذه المدن بأعلى نسبة من الكبريت والمواد المشعة بنسب غير ضارة وهو ما تفتقده الدول العربية والأجنبية على السواء.
سفاجا الأولى علاجيا
سفاجا
وحول أبرز وأهم هذه المناطق العلاجية التي يقصدها الأجانب والعرب تأتي منطقة سفاجا بالبحر الأحمر لما تتمتع به من ازدياد ملوحة البحر وانعدام الأمواج وتنفرد سفاجا بكونها المنتجع الوحيد الذي تنعدم بمياهه نسبة البرومين الذي يسبب حساسية الجلد، وساعد ذلك على علاج مرض الصدفية. وقد أثبتت إحدى المؤسسات الأمريكية أن عوامل الطبيعة بسفاجا على رأسها الرمال السوداء جعلها تحتل المرتبة الأولى على مستوى العالم لعلاج الروماتويد والروماتيزم لذا فقد قرر الدكتور عرفات كامل رئيس جامعة جنوب الوادي إنشاء كليه لطب الروماتويد والتأهيل بسفاجا.
وحول مدى أهمية منطقة سفاجا كمنطقة علاج سياحية يقول الدكتور هاني الناظر رئيس المركز القومي للبحوث واستشاري الأمراض الجلدية "إن عوامل الطبيعة هي التي ساعدت في أن تتمتع سفاجا بكل ما تنعم به من علاج للأمراض المستعصية كالروماتويد والروماتيزم حيث تحتوى الرمال السوداء على اليورانيوم والثوريوم والبوتاسيوم وكلهم مواد مفيدة في علاج الالتهابات المفصلية". وأضاف الناظر أنه قد تتفوق عوامل سفاجا الطبيعية على الأدوية التي في كثير من الأحيان تكون بها أثار جانبيه. وقد تم إجراء بحث العلمي وأسفرت النتائج عن تأكد ندرة شديدة لحدوث الروماتويد المفصلي بين سكان سفاجا حيث بلغت .014% بينما النسبة العالمية 1% أما الصدفية فقد كشف البحث أن نسبة الإصابة به في المنطقة لا تتجاوز .008% في حين يتراوح المعدل العالمي بين 1% و 3% .
ونظرا لما تتمتع به من عيون كبريتية ومعدنية وما بها من فوائد علاجية فقد جاءت منطقة حلوان الواقعة بعد 33 متر من قلب القاهرة كإحدى أهم المناطق الطبيعية التي يزخر بها السائحين للعلاج من الالتهاب العظمي المفصلي والإكزيما والتهاب المبيضين وما ينتج عنهم من الإصابة بالعقم .
حلوان والطب الطبيعي
علاج طبيعي
ويعتبر مركز حلوان الكبريتي للروماتيزم والطب الطبيعي من أكبر المراكز العلاجية حيث يحتوى على 38 حجرة للعلاج بالمياه الكبريتية وشاليهات للمرضى ويحتوى كذلك على أربعة حمامات احدهم كبريتي وحمام للتحركات والرياضة تحت الماء وحمام ثاني أكسيد الكربون لعلاج أمراض الدورة الدموية وحمام مائي كهربائي للعلاج المائي وأخيرا حمام بخار وقد بدا العلاج بصفة عامه بمياة حلوان في عام 1988 وأغلقت الحمامات لفترة من الوقت إلى أن عادت للعمل مره أخرى في عام 1955.
ولاحتوائها على 400 عين للمياه المعدنية والكبريتية الدافئة والباردة باتت الواحات البحرية من أكثر المناطق العلاجية مزارا من السائحين اللذين يعانون من كافة الأمراض البدنية والنفسية، وذلك في مناطق متفرقة من الواحات لعل أكثرها يتمركز في واحة سيوة الكائنة غرب مطروح. ومن أشهر معالمها جبل دكرور لكن العلاج هذه المرة ليس لدى أطباء بل عند شيوخ القبيلة عن طريق الدفن بالرمال لمدة نصف ساعة على مدار أسبوعين نهارا، كذلك على ذلك الجبل يتم علاج الشعور بالإرهاق وكافة الأمراض الروماتيزمية بالإضافة إلى بئر كيغار الذي تصل حرارته إلى 67 درجه ونظرا لاحتوائه على عناصر معدنية وكبريتية عالية فهو يساهم إلى حد كبير في علاج الروماتويد والجهاز الهضمي.
الدفن في الرمال
الدفن بالرمال
وتكريما للطبيبة الرومانية أن أصلان التي ساهمت قبل حوالي ستين عاما من الآن و تحديدا في عام 1949 واكتشافها لمدى تأثير مادة هاء3 procaine على علاج أمراض الشيخوخة وتم تعينها رئيس للمركز القومي للبحوث ببوخارست، فقد تم إطلاق اسمها على أهم مراكز العلاج بالغردقة والذي تخصص في أمراض الشيخوخة وعلاج الإكتئاب وشلل الرعاش وأعراض سن اليأس ويعتمد العلاج بصفه عامة في الغردقة على الدواء بالمياه البحرية وطين الشعب المرجانية وأشعة الشمس والرمال الغنية بالعناصر المعدنية.وتنتشر الآبار بصورة ملحوظة في الخارجة مثل "أبار بولاق" التي أثبتت التحاليل والبحوث احتوائها على عناصر معدنية وفي علاجها تعتمد على العلاج بالدفن في الرمال وتساهم إلى حد كبير في التخلص من ألام الغضاريف كذلك تتمتع "أبار ناصر" التي تحتوى على ثلاثة أبار دفعه واحده مختلفة الأعماق وتصل درجة حرارتهم إلى 28 درجه مئوية طيلة العام.
وقد أثبتت البحوث إن هذه الآبار قد ساهمت في علاج أمراض الكلى، وبصفة خاصة من يعانون من الحصوات والمغص الكلوي. أما في واحة الداخلة فتوجد "أبار موط" والتي تتميز بمياهها الساخنة والتي تصل في كثير من الأحيان إلى 34 درجه، وأثبتت الشؤون الصحية بالواحات أن مياه أبار موط تحتوي على مواد معدنية تخلص من الآلام الجسمانيه كذلك وعلى الرغم من تواجد بئر عين الجبل بنفس الواحة 0الداخلة 9الا انه لا يوجد بها علاج طبيعي رغم أن حرارته تصل إلى 55 درجه إلا أن هذا البئر قد تعرض للانفجار.
أما واحة الفرافرة فتعتمد في علاجها على الأعشاب والنباتات الطبيعية مثل عشب النعناع الذي يعالج الجهاز الهضمي ويساهم عشب الكركديه والعشار والدمسيسة في علاج الآلام الروماتيزمية في حين أثبتت الدراسات تفوق عشب الاحليج في علاج مرض السكر ورغم مراراته إلا أن عشب الحنضل يساهم في التخلص من الآلام الجسمانية المبرحة عن طريق تقسيمه إلى شطرين ووضعه على مكان الألم.
العيون وحمامات فرعون
حمام موسى
وقد عرفت سيناء بمدينة العيون حيث احتوائها على العديد من العيون المائية لعل أكثرها يتمركز في كل من حمامات فرعون الذي يزخر وحده بـ15 عيناً، بالإضافة إلى عدد من ينابيع المياة الكبريتية الساخنة والتي تصل درجة حرارتها إلى 27 درجه مئوية وتتدفق هذه المياة من جبل حمام فرعون الواقع على خليج السويس على هيئة بركة بقوة 3030متر مكعب يعلوه كهف صخري منحوت بالجبل تم استغلاله كحمام للساونا وقد ساهم ذلك في علاج العديد من الأمراض كالروماتيد والرئة وإصابات الملاعب وتحرص الخليجيات بصفة خاصة على زيارته للاستفادة منه في التجميل حيث احتوائه على أعلى معدل كبريتي في العالم.
ونظرا للشهرة الواسعة التي اكتسبتها حمامات فرعون يجري الأن بناء منتجع حمامات فرعون وفيه يعتمد التداوي على العلاج المائي والبخار. وبطور سيناء استحوذت كذلك حمامات موسى على شهرة واسعة قد لا تصل إلى شهرة حمامات فرعون نظرا لقلة العيون بها حيث لم تتجاوز الخمسة عيون فقط وجاري إنشاء منتجع صحي عالمي بها.
وفي الفترة الواقعة ما بين شهر مارس إلى أكتوبر من كل عام تزدحم جزيرة الفنتين بأسوان بالعديد من السائحين العرب والأجانب نظرا لتواجد واحد من أكبر الفنادق بها وهو "فندق أوبروي" المزود بمركز ضخم للعلاج الطبيعي وحمامات الساونا والبخار إلى جانب احتوائه على صالة ضخمه أعدت خصيصا للتمرينات السويدية وحمامات البخار التركية في حي اشتهرت جزيرة إيزيس بتواجد المركز القومي المصري للبحوث والذي أثبت من خلال الدراسات المنهجية سواء الميدانية أو الإكلينيكية مدى الفائدة الطبية لمياه الجزيرة وتشتهر إيزيس كذلك بالكفاءة العالية في علاج الروماتيد المفصلي عن طريق التعرض للشمس ثلاثة أسابيع متتالية حيث ينعكس ذلك بالإيجاب على سرعة ترسيب الدم ورفع الكفاءة للجهاز المناعي الراجع العائد إلى كثافة الأشعة فوق البنفسجية المنعكسة من الجبال المحيطة بالجزيرة.
السر في المعادن وطب الأعشاب
وتشتهر منطقة النوبة بصفه خاصة بهوس طب الأعشاب حيث يتم العلاج في النوبة عن طريق تواجد أهل المرض وأصدقائه وأقامه احتفالية له عن طريق دفنه بالرمال ثم اللف بغطاء كثيف ويوضع المريض في مكان مغلق ليقدم له مشروبهم الشهير حلف البر الساخن الذي يغلى ويشرب مثل الشاي علما بأن العلاج يتم بعيدا عن الأطباء ليقتصر على الشيوخ فحسب هذا وقد أثبتت هيئة الطاقة النووية احتواء الرمال في أبو سمبل على ماده الكربون والسليت وبعد الدراسات والبحوث التنظيمية المكثفة على عدد من المرضى ظهرت مدى أفاده هذه المعادن في علاج كافة الأمراض الجسمانية.
