يُسمى هذا المكان، الذي بات معروفًا عالميًا، باسم غابة أوكيغاهارا لكنها غالبًا ما تشتهر باسمها الأكثير شيوعًا؛ غابة الانتحار، وهذه الغابة هي فعلًا واحدة من أكثر الأماكن غموضًا على هذا الكوكب. وكما يوحي الاسم، فقد نالته بسبب عدد الأشخاص الهائل الذين أقدموا على انهاء حياتهم هناك.
ينتحر مئات الأشخاص حرفيًا في هذه المنطقة الحرجية الأكثر رعبًا كل عام، ولربما يعود سبب جذب الغابة الغامضة بحد ذاته الأشخاص الذين يمتلكون تلك النوايا هو تاريخها الكئيب وشهرتها، أي إنها أشبه بنبوءة تحقق ذاتها. أو ربما يكون هنالك شيء حقيقي له تأثير على عقول الناس وأفكارهم، أو أن التقلبات المغناطيسية الأرضية لها يد في خلق هالة هذا المكان المروع؟ فيما يلي عشرة أسباب تجعل الغابة الانتحارية اليابانية مكانًا مؤرقًا حقًا لكل من يقترب منه.
1. المكان مليء بالأشرطة والحبال
إذا دخلت غابة الانتحار، فإن أول الأشياء التي ستلاحظها هو كثرة الشرائط المعلقة. وعلى الرغم من أن هذا لا يبدو مخيفًا جدًا في حد ذاته، إلا أن قصتهم وسبب وجودهم على عكس كذلك. كل واحدة من هذه الشرائط تمثل بشكل رئيسي لحظة وصول شخص ما إلى الغابة بهدف قتل نفسه. ومع ذلك، سيأخذ الكثير من الناس قطعًا طويلة من الأشرطة الملون الإضافية معهم لغرض آخر.
تستخدم تلك الشرائط لتربط بشجرة عند دخول المرء الغابة، والسبب في ذلك هو أنه لو غي ر ذلك الشخص رأيه فسيجد طريقه للخروج من هناك. لكن وفي كثير من الأحيان، إذا اتبعت تلك الشرائط، غالبًا ما ستكتشف جثةً في نهايتها تدلى من إحدى الأشجار. إنه تذكير سوداوي بإن الجمال المرئي وسوريالية المنطقة ليسا إلا الصفحة الأخيرة من حياة كثير من الناس الذين يأتون إلى هنا ولا يغادرون أبدًا.
2. مقتنيات شخصية مبعثرة في الأرجاء
شيء مرو ع آخر يجب توقع إجاده في غابة الانتحار هو العديد من الأغراض الشخصية. أشياء مثل الهواتف الخليوية والملابس وحتى أجهزة الكمبيوتر المحمولة. في بعض الأحيان يتم اكتشاف هذه الأشياء في أكوام صغيرة، كما لو أن عدة أشخاص في أوقات مختلفة قد توقفوا في نفس الأماكن لمراجعة أفكارهم للمرة الأخيرة أو المضي فيها. قد تجد أيضًا زجاجات مشروبات فارغة بجانب بعض الصناديق وبعض عبوات الأدوية الطبية.
معظم الناس الذين يُقدمون على قتل أنفسهم هناك يفعلون ذلك شنقًا، إلا إن بعض الأشخاص الذين أتوا بهذه الأدوية يختارون تناول جرعة زائدة. في كل الأحوال، ما يجعل كل هذه الأشياء أكثر إثارة للقشعريرة هو إدراك أن كل منها مرتبط بشخص وقف هنا، بشخص شعر باليأس لدرجة أنه انتحر في هذه البقعة. ولجعل الموقف أكثر غرابة، فمن المحتمل جدًا أنهم فعلوا ذلك بالقرب من المكان الذي عُثر فيه على تلك الأغراض بالضبط.
3. اشباح الموتى تشجع على الانتحار
كما قد نتخيل، هناك العديد من الحكايات عن الأشباح والأرواح المقيمة داخل الغابة. ومع ذلك، تشير بعض الأساطير إلى أن هذه الأرواح لا تكتفي بالطواف بل وتشجع الناس حتى على الانتحار أثناء تجولهم ما بين الأشجار، كذلك هنالك اعتقاد شائع في الفولكلور الياباني أنه عندما يموت شخص ما بشكل مفاجئ أو عنيف، فإن هذا سيجعله يصبح (يوري). واليوري هي أرواح شبحية تنقل غضبها وحنقها إلى أولئك الذين يصادفونهم في طريقهم.
كثير من الناس، على سبيل المثال، غالبًا ما يتحدثون عن شعورهم المفاجئ بالقلق دون سبب، أو كيف تغلبت عليهم نوبات الخوف والذعر دون سابق إنذار، تخيل إذن وجود هذه المشاعر أثناء امتلاكك بالفعل لأفكار انتحارية قوية. كما قد نلاحظ أيضًا أن هناك العديد من المواقع الأخرى حول الأرض حيث يتحدث الناس عن الشعور بمشاعر سلبية شديدة فجأة. سنناقش الفكرة أكثر في البند الأخير من المقال، فقد يكون سبب ذلك جيولوجيًا على عكس ما يعتقد أنه ما وراء طبيعي.
4. علامات التحذير تنتشر في كل مكان
إذا لم يؤد أي مما سبق إلى تراجع العدد الهائل للأشخاص الذين أنهوا حياتهم في غابة أوكيغاهارا، فربما تنفع إشارات التحذير العديدة التي تعمل على مخاطبة هؤلاء محاولةً ثنيهم عن نيتهم وإعادتهم للحياة. يمكن العثور على هذه اللافتات في جميع أنحاء الغابة، وهي لا تحتوي فقط على التحذيرات التي تحاول إقناع الناس تغيير رأيهم بالانتحار، ولكنها تمنحهم أيضًا أرقام هواتف عدة لمنظمات مختصة تستطيع مساعدتهم في الخروج من حالة اليأس التي يعانون منها.
ما إذا كانت هذه اللافتات تحدث فرقًا لأولئك الذين يدخلون الغابة بأفكار انتحارية أم لا، هو أمر غير مؤكد ومفتوح للنقاش. ومع ذلك، فإن حقيقة أن السلطات قد اتخذت هذه الإجراءات ربما توضح مدى جدية تعاملها مع المشكلة المتفاقمة. وعندما ننظر إلى السبب التالي، سيكون من السهل أن نرى دافعهم للقيام بذلك.
5. يُعثر على حوالي 100 جثة سنويًا في الغابة
يُعتقد أنه يتم رفع حوالي 100 جثة كل عام من غابة أوكيغاهارا. ومع ذلك، يوجد الكثير من الجثث التي بقيت معلقة هناك لسنوات قبل اكتشافها. لذا بات هنالك مجموعات خاصة تعمل على تمشيط الغابة والبحث فيها عن الموتى أو الناجين، وإذا ما وجدوا جثة، فإنهم يخطرون السلطات على الفور. عادةً ما يظل أحد أعضاء المجموعة -غالبًا العضو الأكبر سنًا- في مكان الحادث لضمان عدم وقوع أي مشاكل إضافية.
لو صادفوا شخصًا ما على قيد الحياة ولا يزال يفكر في الانتحار، فسيقومون بمرافقته إلى "منازل آمنة" بالقرب من الغابة. بمجرد وصوله إلى هناك، يتم تشجيعه على قبول المساعدة التي يحتاجها وإخراجه من المكان المظلم الذي وجد نفسه فيه. كما أن تلك المجموعات كثيرًا ما تقابل وتتعامل مع "السياح" الفضوليين القاصدين للغابة معتبرين إياها موقعًا سياحي. ومع ذلك، كما سنستكشف في النقطة التالية، لا يمكننا أن نكون متأكدين تمامًا من تلك الأرقام حيث لم تعد السلطات اليابانية تعلن عنها.
6. جرى التوقف عن إعلان الأرقام الرسمية
في محاولة أخرى لوقف العدد الهائل من الأشخاص الذين يصلون إلى الغابة الانتحارية بغية إنهاء حياتهم، اتخذت السلطات قرارًا بوقف نشر الأرقام الرسمية. فبالإضافة إلى أولئك الذين تمكنوا من إزهاق أرواحهم بأنفسهم، هناك أيضًا المئات من المحاولات الفعلية التي لم تنجح لأسباب مختلفة.
يبدو أن الأرقام لا تجذب انتباه اليابانيين فحسب، بل وحتى صانعي الأفلام الذين صوروا قصصهم عن الغابة، والتي عادة ما تدور أحداها عن بطل ينتحر أو يزور المكان. ربما يكون أحد أفضل الأمثلة هو فيلم Sea of Trees للمخرج الأمريكي (غوس فان سانت) من عام 2015، وربما يُعتبر كذلك دليلًا قويًا على مدى خطورة مشكلة الانتحار في الواقع. بيد أنه لم يتضح ما إذا كان هذا الإجراء قد حقق انخفاضًا في حالات الانتحار في الغابة.
7. التخييم في الغابة كابوس حقيقي
بالنسبة لأولئك الذين يتطلعون إلى نصب خيمة وإقامة معسكر في غابة الانتحار، سيتم إحباط رغبتهم تلك بشدة بل وحتى يجب عليهم الالتزام بالتعليمات الرسمية. في نهاية المطاف، ينظر العديد من اليابانيين إلى مثل هذه الغايات على أنها عدم احترام لليابان والمتوفين. ربما لهذا السبب عادةً ما يغوص أولئك الذين يبحثون عن مغامرة سوداء في أعماق الغابة بعيدًا عن الطرقات وأعين المتجولين.
غالبًا ما يؤدي هذا التصرف إلى ضياع الناس وارتباكهم، والأمر لا يقف عند ذلك، حيث إن درجات الحرارة غالبًا ما تنخفض إلى ما تحت الصفر ليلًا، مما قد يتسبب في مزيد من المشاكل لمن يتطلعون إلى البقاء في الغابة طوال الليل. قد يشكل ذلك سببًا في ثني الناس عن البقاء في الغابة لفترة طويلة من الزمن، خاصة إذا كانت لديهم أفكار انتحارية.. أو ربما العكس.
8. يعتقد الكثيرون أن "طاقة شريرة" تسكن الغابة بطريقة مشابهة لأساطير الأشباح
تدور العديد من الأساطير حول فكرة أن غابة أوكيغاهارا ليست إلا أرضًا ومكانًا للشر الخالص. وسواء أكان ذلك بسبب الأرواح أو الطاقة الشريرة، يؤيد بعض الناس النظرية القائلة بأن الأشياء السيئة تحدث هناك بسبب قوة خارقة للطبيعة تؤثر بالتأكيد في زوارها. ومع ذلك، حتى قبل موجة الانتحار التي بدأت في أواخر القرن العشرين، كان للغابة ماضي قاتم.
خير مثال على ذلك هو الممارسة التي جرت في القرن التاسع عشر عندما كانت العديد من العائلات تجلب كبار السن إلى الغابة وتتركهم حتى "يموتوا بكرامة" فيها. إنها بالتأكيد فكرة مثيرة للفضول وإن كانت قاتمة، ومع ذلك، بالنسبة للنقطة التالية، سننتقل إلى تاريخ الغابة الجيولوجي وكيف نشأت. وفي النهاية سنتطرق لحقيقة طبيعتها الروحانية المظلمة.
9. ثوران جبل فوجي المقدس أدى لنشوء الغابة في عام 864
قاد انتشار 30 كيلومتر مربع من الحمم البركانية إلى ظهور المكان الذي تقف فيه الغابة الآن. بمجرد أن بردت الحمم استعادت الطبيعة زمام المنطقة فنمت الأشجار ونباتات الشوكران السامة بكثرة. في القرون التي تلت ذلك، عبد اليابانيون جبل فوجي كإله، كما نشأ ارتباط روحي كبير بين السكان والمنطقة. وقد أدى هذا الانفجار البركاني إلى تكو ن أنظمة كهوف غريبة وعميقة داخل الغابة، العديد منها غير مستكشف وغالبًا ما تحيط به الكثير من القصص والأساطير.
هذا في حد ذاته يضيف المزيد من طبقات الغرابة والغموض إلى الغابة العجيبة، وما إذا كانت تلك النشأة مرتبطة بطبيعة الغابة المظلمة فهو أمر تخميني ومثير للنقاش. على الرغم من ذلك، وبالنسبة للنقطة الأخيرة، سوف ننتقل إلى العلم والاكتشافات الحديثة التي قد تلقي الضوء على الطريقة التي تكو نت فيها الأسباب الخفية وراء غابة أوكيغاهارا، أو على الأقل، سبب تشكل الأفكار المظلمة حولها.
10. هل يمكن أن تسبب الشذوذات في الحقل المغناطيسي حالات الانتحار؟
في السنوات الأخيرة، اقترح بعض الباحثين أن الانحرافات المغناطيسية الأرضية قد تحفز مثل هذه الأفكار السوداوية لدى الناس خاصة أولئك الذين لديهم ميول انتحارية بالفعل. يعتقد بعض الباحثين أن هنالك هالات مغناطيسية أرضية شاذة تحدث تحت الأرض حيث توجد الغابة.
بالنظر إلى أن هذه الاضطرابات المتغيرة بشكل دائم، فقد يوضح لنا ذلك سبب ارتفاع معدلات الانتحار في الغابة خلال العقود الماضية، كما دقق الفريق الذي أجرى البحث في سجلات أخرى للنشاط المغنطيسي الأرضي على مر السنين في بلدان عدة فوجدوا أنها أدت في كثير من الأحيان لزيادة حالات الانتحار.
لقد تناقصت الأرقام بدورها عندما توقفت هذه التشوهات المغناطيسية الأرضية، وربما كان أحد الاستنتاجات المثيرة للاهتمام بشكل خاص هو أن هذه الاضطرابات المغناطيسية الأرضية تؤثر على الرجال أكثر من النساء. في حين أن هناك حاجة إلى مزيد من البحث والدراسة حول هذه النظرية، فهي بالتأكيد مثيرة للاهتمام.
قد يبدو هذا غريبًا لكن كذلك وجدت دراسة سابقة في اليابان أن متوسط القيم الشهرية لمؤشر الاضطراب المغناطيسي كانت مرتبطة بالعدد الشهري المُراقب لحالات الانتحار لدى الذكور، ولكن ليس الإناث. كما تم الإبلاغ عن العلاقة بين الاضطرابات المغناطيسية الأرضية والانتحار أو الاكتئاب في دول عديدة مثل كندا وجنوب إفريقيا وفنلندا وأستراليا وروسيا. وقد ظهر أن المغناطيسية الأرضية الأقوى مرتبطة بمعدل وفيات أعلى مرتبطة بالانتحار.
تعليقات الزوار | اضف تعليق
