تشير الصخور من ولاية ماريلاند بالولايات المتحدة إلى بطل غير متوقع، كان سببا في غبار الكويكبات والنشاط التكتوني وزيادة مستويات الأكسجين في الغلاف الجوي. وتوصل علماء إلى أنه ربما تكون الديدان البحرية في عصور ما قبل التاريخ قد قدمت مساهمة كبيرة في إحداث التنوع البيولوجي الأوردوفيشي العظيم.
تقول مايا جوميز، عالمة الأحياء الجيولوجية بجامعة جونز هوبكنز: "إنه أمر لا يصدق حقًا أن نفكر كيف يمكن لمثل هذه الحيوانات الصغيرة التي لا توجد حتى اليوم، أن تغير مسار التاريخ التطوري بهذه الطريقة العميقة". ووجد الباحثون الأمريكيون مستويات متزايدة من معدن يسمى "البيريت" في مستوى رواسب محدد عبر تسعة مواقع في خليج تشيسابيك بالولايات المتحدة.
يتطلب البيريت إمدادًا ثابتًا من الأكسجين ليتكون من معادن الرواسب، ولكنه يتفاعل أيضًا بسهولة مع الأكسجين، ويسرقه من المحيطات ومن ثم الغلاف الجوي. يوضح كاليف هانتسو، عالم المناخ القديم في جامعة جونز هوبكنز: "يجب أن تكون الظروف مناسبة تمامًا، ويجب أن يكون لديك القليل من الخلط لجلب الأكسجين إلى الرواسب، ولكن ليس بالقدر الذي يؤدي إلى تدمير الأكسجين".
وتشير مستويات البيريت التي شوهدت في الرواسب إلى أن شيئا ما كان يحرك قاع المحيط بطريقة تمنع هذا المعدن من سرقة الكثير من مستويات الأكسجين المتزايدة . يشتبه هانتسو وزملاؤه بشدة في أن خلاطات الرواسب المحيطية المبكرة هذه كانت عبارة عن ديدان تختبئ بعيدًا، جنبًا إلى جنب مع كائنات أخرى تتفاعل مع قاع البحر.
يوضح الباحثون في ورقتهم البحثية: "نحن نفترض أن دفن البايرايت زاد خلال بداية الاضطراب البيولوجي الذي طال أمده". تستمر الديدان وغيرها من الكائنات الحية الموجودة تحت الأرض في لعب دور هائل في الاضطراب الحيوي اليوم، حيث تخلط فعليًا الطبقات العليا من التربة، مما يسمح بتبادل السوائل والأكسجين وتدوير العناصر الغذائية المهمة الأخرى، بما في ذلك الحديد والكبريت وثاني أكسيد الكربون.
قام الباحثون بتحديث النماذج السابقة لمستويات الأكسجين في عصور ما قبل التاريخ بمقاييسهم للاضطراب البيولوجي. وتشير النتائج إلى أن مستويات الأكسجين ظلت مستقرة لملايين السنين حتى ارتفعت بشكل حاد خلال العصر الكامبري (الذي بدأ قبل 538.8 مليون سنة) والفترات الأوردوفيشي.
كانت هذه الزيادات أكبر مما اقترحته عمليات إعادة البناء السابقة، لكنها لا يمكن أن تستمر إلى أجل غير مسمى. قال الباحثون في ورقتهم: "هذه الزيادة في كفاءة دفن البايرايت كانت مؤقتة لأن تكثيف الاضطراب الحيوي، بالتنسيق مع ارتفاع تركيزات الأكسجين، كان سيقدم في النهاية قوة مؤكسدة كافية إلى كومة الرواسب لقمع احتباس البايرايت".
لم يكن الأمر كذلك حتى الانفجار الثاني المكتشف في دفن البايرايت، خلال العصر الأوردوفيشي قبل 445 مليون سنة، حيث وصلت الأرض ثم حافظت على مستويات شبه حديثة من الأكسجين. وتزامن ذلك مع فترة 30 مليون سنة من التغيرات التطورية السريعة التي أدت إلى خلق عدد لا يحصى من الأنواع الجديدة.
يقول جوميز: "كان هناك دائمًا هذا السؤال حول كيفية ارتباط مستويات الأكسجين باللحظات في التاريخ حيث تكثفت القوى التطورية ونرى تنوعًا أكبر في الحياة على هذا الكوكب، ومع هذا العمل، سنكون قادرين على فحص كيمياء المحيطات المبكرة وإعادة تفسير أجزاء من السجل الجيولوجي". ويبدو أن دفقات الأكسجين هذه، بمساعدة عمليات التنقيب التي قامت بها الديدان، ساعدت في ازدهار التنوع المذهل للحياة على الأرض.
تعليقات الزوار | اضف تعليق