"ونحن نحب الحياة إذا ما استطعنا إليها سبيلاً" كتبها الشاعر الفلسطيني محمود درويش يوما، وطبقها لاجئو مخيم "الشاطئ" غرب قطاع غزة في فلسطين، ذي الأزقة الضيقة، والإنارات البسيطة، والجدران التي تشهد صورًا من رحلوا عن عالمه، لكن رغم الحزن والجرح الذي لا يلتئم، تزين المخيم بالأجواء الرمضانية كالأضواء الملونة والزينة، والشعارات الترحيبية بالشهر الكريم.
المشهد أشبه باحتفالات بسيطة بسبب الفقر في المخيم، فأمام منزل بسيط ذو جدران متهالكة يصطف مع غيره من المنازل، تجلس امرأة عجوز، تجاعيد وجهها تحكي تاريخ أمة، إنها فاطمة النجار 60 عامًا، التي تشهد المصطبة أمام بيتها عادة رمضانية، حيث تجتمع مع جيرانها لإعداد طعام الافطار، ويتبادلن الأحاديث اليومية، إضافة إلى قراءة القرآن والقصص النبوية، متحدية بذلك وقت انقطاع التيار الكهربائي الذي قد يصل لمدة ? ساعات يوميًا.

تحكي فاطمة "منذ القدم كانت الأجواء الرمضانية أكثر وأكبر مما هي موجودة الآن، خاصة وأننا نسكن في مخيم للجوء منذ عام ????م بعد اندلاع النكبة والاحتلال الإسرائيلي"، واصفة الشعائر الرمضانية بـ"المنقرضة"، متابعة "بعض الشعائر والعادات والتقاليد اختفت بسبب تداخل بعض الثقافات وازدياد عدد الأسر، إضافة إلى أن الاحتلال الإسرائيلي يحاول جاهدًا تقطيع أوصال فلسطين بين الضفة الغربية وقطاع غزة".

خمسة أطفال يلهون قبل آذان المغرب، يحيطون بوالدهم إسماعيل أبو ريالة 30 عامًا، الذي يحكي كيف تغيرت الأجواء الرمضانية داخل المخيم مع مرور الزمن، واشتداد الحصار على قطاع غزة وارتفاع معدل البطالة وانخفاض فرص العمل.

يتذكر أبو ريالة بحنين حين كان هو وأصدقاؤه أطفالاً، يصنعون الفوانيس من العبوات الحديدية واليوم تغيرت الأحوال وأصبحت الفوانيس جاهزة وبأسعار منخفضة. العلاقة بين مصر وفلسطين لا تنتهي حتى في مخيمات اللاجئين، فإيهاب ذو السبعة عشر عامًا نتاج لزواج مصري فلسطيني، اعتاد تزيين المنزل من فوانيس ورقية وإضاءة على مدخل المنزل الضيق، كما تعودت والدته تزيين منزل عائلتها الموجود في القاهرة.

يأمل إيهاب في استقبال رمضان القادم بمصر، خاصة وأنه متشوق لمعايشة بيت جده ومشاهدة ما كانت تتحدث به والدته له.

رائحة الخبز قبل آذان الفجر بمثابة المنبه للمسحراتي الفلسطيني أحمد رضوان 28 عامًا، الذي يخرج من منزله في فجر كل يوم ليقرع بطبلته التي يحملها على كتفه وينادي على النائميين بأن يستعدوا لتناول وجبة السحور.

يعمل أحمد في مهنة "المسحراتي" منذ ? سنوات مضت، فيحكي "أحاول تأليف الشعارات الوطنية والدينية من أجل بث أجواء رمضان في نفوس المواطنين والصائمين.
تعليقات الزوار | اضف تعليق

"الأطفال هم أكثر من ينتظرونني" هكذا يقول رضوان، مضيفًا أنهم يبتهجوا ويحتفلوا بقدومه وتقديم ما تيسر من مأكل ومشرب له وأحيانًا مبالغ مالية.
يتمنى رضوان بأن يبقى مُسح ِرًا للصائمين ويعلم أطفاله مهنة التسحير خاصة، وأنه ورثها عن أباءه وأجداده منذ القدم.
